السيرة النبوية العطرة ( مولد النبي صل الله عليه و سلم )
السيرة النبوية العطرة ( مولد النبي صل الله عليه و سلم )
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{ البداية }
إن الله عزوجل لما أراد أن يخلق سيدنا {{محمدا صل الله عليه وسلم }} وهو خير الخلق وأكرم الناس وأفضل العباد قاطبة وآخر الأنبياء وخاتمهم فنظر الله إلى خلقه فقسمهم فرقتين :
فجعل نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم في خير فرقة ثم ما زال يختارهم خياراً من خيار [[ أي نسبه صلى الله عليه وسلم المتصل من آدم إلى الرسول نسب كريم طاهر نقي ]]
من أصلاب الرجال الطاهرة ، إلى أرحام النساء الطاهرة ، ما كان في نسبه سفاح جاهلية ، بل خرج من نكاح إلى نكاح إلى أن شرّف هذا الوجود صلى الله عليه وسلم .
ونبدأ بجده عبد المطلب جد النبي الأول وعبد المطلب لقب وليس اسمه الحقيقي أما اسمه {{ شيبة الحمد}}
فمن أين جاء اسم عبد المطلب ؟
أبوه اسمه هاشم كان سيد قريش وتزوج من يثرب [[ يثرب هي مايعرف الآن بالمدينة المنورة ، لما هاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم سماها ، المدينة المنورة ، وطيبة ، وطابة ، لأنه كره اسم يثرب ، لأن يثرب من الثرب أي الفساد ]]وكان هاشم هو زعيم رحلتا الشتاء والصيف ، فكانوا في الصيف يسافرون بالتجارة لبلاد الشام وفي الشتاء يسافرون لليمن وهاشم من الأشراف .. وكان من عادة الأشراف أن يأخذوا زوجاتهم معهم فلما خرج لرحلة الصيف إلى بلاد الشام ، وكان هاشم مصطحب زوجته معه وكانت قد حملت بعبد المطلب {{شيبة الحمد }}
ولما وصلت يثرب جاءها المخاض وولدته فتركها هاشم عند أهلها وتابع رحلته إلى بلاد الشام للتجارة ، وأثناء رحلته توفي في مدينة غزة ودفن فيها فسميت {{غزة هاشم }} أصبح عبد المطلب يتيم الأب وتربى عند أخواله واسمه بينهم {{ شيبة الحمد }}
فجاء من مكة عمه أخو أبيه ، هاشم وكان اسمه {{ المطلب}} قال لأمه ابن أخي شيبة يجب عليه أن يلحق بقريش فإنهم أهله وقومه لأنه أصبح كبير وهو الآن غريب بين القوم .. ونحن أهل شرف في قومنا لا يجوز أن يبقى ابن أخي عندكم .. قالت أمه نخيّره ؟فعندما سألوا شيبة الحمد قال بل ألحق بقومي [[ مع أنه كان صغير بالعمر بس مسألة الشرف كانت عنده عظيمة ]] الآن خرج عمه المطلب ومعه ابن أخيه شيبة إلى مكة ، لما وصلوا مكة ودخلها مع هذا الغلام الصغير .. قالت قريش المطلب أحضر معه عبد من العبيد [[ اعتقدوا أنه اشترى عبد جديد .. فظنوا أن شيبة عبد من العبيد قد اشتراه المطلب ]]فأصبحوا يقولون {{ عبد … المطلب }}قال لهم المطلب لا لا .. إنه شيبة ابن أخي .. فمشى الاسم عليه من أول دخوله مكة وصاروا يسموه عبد المطلب .. أما اسمه الحقيقي {{{{ شيبة الحمد }}} وعبد المطلب لقب .
أصبح شيبة الحمد ، المعروف بلقب { عبد المطلب } رجل كبير وأصبح { سيد قريش } وكان له الشرف الكبير بين العرب وخاصةً عندما حفر بئر زمزم .
بئر زمزم كان مطمور بالتُراب من زمنٍ بعيد ، كانت قريش تسمع عنهُ بالقصص القديمة ، إلى أن رأى عبد المطلب جدّ النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا في منامهِ .
رأى عبدالمطلب رؤيا تكررت معه أكثر من مرة ، شخص يأمره بحفر بئر زمزم عند الكعبة ، ويحدد له مكان الحفر ، وكان بئر زمزم قد دفن بالتراب بسبب فعل الزمن فلما استيقظ من نومه ،أخذ يفكر بالرؤيا المتكررة ، ويتذكر قصص قديمة ، التي كانت تروى أنه على زمن إسماعيل عليه السلام ، عندما كان رضيعاً ، انفجر بئر تحت قدميّ إسماعيل عليه السلام ، وأن أهل مكة دائماً يذكرون في مجالسهم ، أن هناك بئر في مكة مطمور لا يعرف مكانه ، وأن كل الآباء حفروا وبحثوا عن هذا البئر ، ولكنهم لم يجدوا هذا البئر المبارك زمزم .
فخرج عبد المطلب لقريش ، وقص عليهم الرؤيا التي رأها [[ أي أن هناك مكان محدد يجب حفره يوجد تحته ماء زمزم ]] فقالوا له : دلنا على ذلك المكان !!فأشار لهم إلى ذلك المكان الذي عند الكعبة ، فرفضوا جميعاً أن يحفر في هذا المكان والسبب {{ أن المكان الذي أشار إليه عبد المطلب ، يقع بين صنمين من الأصنام التي تعبدها قريش ، صنمٌ اسمه ( أساف) .
والآخر اسمه ( نائلة ) فحاول عبد المطلب أن يقنعهم ، ولكن رفضوا بشدة }}وكان عبد المطلب عنده ، ولد وحيد ، وهذا يعني في قريش أن ليس له عزوة ولا عشيرة ولا عصبية يدافعون عنه ، وفي أيامهم ، كان كل شيء يمشي ويعتمد على القبائل والعصبية ،فحزن عبد المطلب حُزنا شديدا واعتصر قلبه من الألم ، ثم وقف عنِد باب الكعبة ، وقلبه يعتصر من القهر ونذر لله إن وهبتني عشرة من الأولاد الذكور ، وبلغوا مبلغ الرجال ، واستطعت حفر بئر زمزم ، لأذبحنّ أحد أبنائي .
فلم يمض عام إلا وقد ولدت زوجته الولد الثاني ، وكل عام يرزق أولاد من زوجاته حتى صار عددهم {{ عشرة }} وكبروا وأصبحوا رجال وعصبة ، وأصبح عبد المطلب صاحب عصبة وحمية في قريش ، فحفر بئر زمزم ولم يتجرأ أحد على منعه ، وخرج الماء ، فلما رأت قريش الماء فرحت فرحاً كبيراً ، بعملهِ هذا ،الآن أصبح عبد المطلب مُطالب بأن يوفي {{ نذره }} وهو أن يذبح أحد أولاده العشرة عند باب الكعبة .
الآن أصبح عبد المطلب مُطالب بأن يوفي بنذره ، ويذبح أحد أولادهِ ، عند باب الكعبة فجمع أولادهُ العشرة ، وأخبرهم عن نذرهِ لله أمام باب الكعبة ، وأنه يجب عليه أن يوفي نذره .فقالوا له :_ يا أبانا .. ليس بوسعنا أن نقول لك ، إلا كما قال إسماعيلُ لأبيه !! افعل ما تؤمر ستجِدُنا إن شاء الله من الصابرين [[ أي افعل ما تُريد ، وماتراه مناسباً ]]
وكان أصغر أبناء عبد المطلب ، هو عبدالله والدِ النبي المصطفى {{ صلى الله عليه وسلم
}}وكان أحب أبناء عبد المطلب ، كان يحبُه حباً كبيراً [[ ولاحظوا معي ، سبحان الله الذي اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم قبل مولده اسم أبيه( عبدالله )
كل أبناء عبد المطلب العشرة ،لايوجد فيهم واحد اسمه مقرون باسم الله عزوجل ، إلا والدِ النبي صلى الله عليه وسلم فاسم أبي طالب ... عبد مناف واسم أبي لهب الحقيقي .. عبد العزة تخيلوا لو كان الاسم محمد بن عبد العزة ؟؟ لا يصلح أبداً مع حبيب الله .. فمن الذي اختار الاسم لوالد النبي ؟؟
_ إنه الله جل في علاه ليكون اسم حبيبه ونبيه {{ محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم }} فهذا من حفظ الله لنبيه حتى قبل مولده ]]
كان عبدالله والد النبي صلى الله عليه وسلم ، أقرب إخوته إلى الله ، كيف لا يكون أقربهم ، وهو يحمل
{{ النور المحمدي }}
قال لهم عبد المطلب : يا أبنائي
اكتبوا أسماءكم على القدح[[ لم يكن عندهم استخارة ، في الجاهلية كان هناك رجل عند الكعبة متخصص بعمل ما نسميه اليوم القرعة ، كان اسمها ( الأزلام )فماهي الأزلام ؟؟ هي قطع خشب صغيرة تشبه السهم (( هناك صورة مرفقة بالتعليقات ))
و عددها ثلاث يكتب على كل واحدةٍ منها كلمة
1_ افعل
2_ لا تفعل
3_ غفل ليس فيه شيء
فإذا أردوا أن يسافروا ، أو لهم حاجة مهمة ، واحتاروا في أمرهم ، استخدموا (الأزلام ) فإن خرج افعل .. فعلوا وإن خرج لا تفعل ... تركوا وإن خرج غفل .. أعادوا القرعة
فلما تشرف الوجود بالنور المحمدي صلى الله عليه وسلم ، نسخ ذلك كله ونهى عنه ..وأرشدنا إلى الاستخارة ]]
فكتبوا أسماءهم ، وذهب عبد المطلب إلى المسؤول عن الأزلام ، عند الكعبة وقال له : أريد أن أنحر أحد أولادي ، قرباناً لرب هذا البيت ، ووفاءً لنذري .خذ هذه الأقداح ، قد كُتبت عليها أسماءُهم العشرة ، خذها واضرب عليها [[ أي اعمل لهم قرعة ]]
ورب الكعبة ، أيهم خرج اسمه نحرته اليوم عند باب الكعبة !!ثم توجه عبد المطلب لباب الكعبة ، والدموع تنهمر من عينيه ،حتى سالت على خديه ، ورفع يديه عند باب الملتزم وأخذ يدعو الله يارب لا تجعل السهم يخرج على عبدالله ، ويدعو الله ويستغيثه ، يارب أبنائي كلهم لو نحرتهم أهون عندي من عبدالله ، كان عبدالمطلب يحبه حباً كبيراً والسبب [[ نور النبوة المحمدي الذي يحمله عبدالله من رسولنا وحبيب قلوبنا محمد صلى الله عليه وسلم ]]فلما قاموا بالأزلام ( القرعة ) خرج السهم على عبدالله
فتألم عبد المطلب ألما شديدا ، وتغير لون وجهه ثم أخذ بيد عبدالله و وضعه أمام باب الكعبة ، وأراد أن يذبحه على الفور [[ لك أن تتخيل قلب عبد المطلب وشعوره في هذا الموقف ، صحيح كانوا في جاهلية ولكن عندهم الرجولة والوفاء بالعهد ، ولو على أنفسهم ))وضع عبد المطلب ابنه عبد الله أمام الكعبة ، وأخرج سكينة ،واستعد لذبحه .
وضع عبد المطلب ابنه عبدالله ، أمام الكعبة واستعد لذبحه وكانت أندية قريش حول الكعبة . [[ الأندية : هي عبارة عن مجالس لقريش ، كانوا يجلسون جماعات مع بعضهم البعض ، كل جماعة تجلس مع أصحابها ، اسمها أندية ، وتكون الكعبة أمامهم مباشرةً ، وكل ما يحدث عند الكعبة يرونه ]].
فلما استعد عبد المطلب لذبح عبدالله ، ضجت قريش كلها [[ لأن أهل قريش كان عندهم علم بقصة النذر والذبح ]] وقام الناس من مجالسهم مسرعين ، حتى وصلوا إلى عبد المطلب ، وأمسكوا بعبد الله وأبعدوه ، ثم وقفوا بين عبدالمطلب وعبدالله ، ثم صاحوا بأعلى أصواتهم
لاااا واللات والعزى ، لا ندعك تذبحه حتى تعذر فيه ؛ [[ أي حتى نجد حلا لهذا النذر ]].. يا عبد المطلب :_ أنت سيد قومك ، وكبيرهم وقدوتهم ، إن ذبحت ولدك ، ستكون سُنة [[ عادة ]] في قريش ، كل رجل نذر ، سيذبح ابنه عند الكعبة .قال عبد المطلب :_ يا قوم .. لعل الله ابتلاني كما ابتلى جدكم إبراهيم ، بولده إسماعيل ؟؟
قالوا لا ، لا لن ندعك تذبحه حتى تُعذر فيه .قال لهم .. وما الحل ؟؟
فصاح أحدهم ، فلنحتكم إلى الكهان !! وصاح آخر ننطلق إلى سجاح عرافة يثرب، [[ يثرب هي نفسها المدينة المنورة حالياً ، لما دخلها الحبيب صلى الله عليه وسلم ، أنارت وأضاءت وأشرقت من نور وجهه صلى الله عليه وسلم ]].
- ننطلق إلى سجاح عرافة يثرب [[ امرأة اسمها سجاح كاهنة في يثرب ، كانت تُعرف بعرافة يثرب ]] نسألها لعلها تجد لك مخرجا ، عرافة يثرب خير من ينهض بالأمر [[ أي أفضل كاهنة تستطيع أن تحل هذا الأمر ]] فسكت عبد المطلب عن الكلام ، ولم يعد له سبيل لرفض كلامهم ، ونزلت عليه السكينة والارتياح ثم نظر إلى القوم، وقال :_ ننطلق إلى سجاح عرافة يثرب.
فصاح الجميع وعلت أصواتهم بالفرح ، انتشر الخبر في مكة كلها كالنار بالهشيم وضجت مكة بأصوات الفرح ، وأطلت النساء بفرح، ينظرن إلى عبد الله بشفقة ورحمة ، كانت كل فتيات مكة يتمنون عبد الله زوجاً لهن ، كان كل من نظر إليه يراه مكسواً بالجمال والهيبة والأنوار {{ إنه نور حبيبكم المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يحمله عبدالله }}، الكل ينظر إليه وينظرون إلى صبره لهذا الموقف الصعب ، هذا الفتى الجميل صاحب الوجه المضيء ، إنه جميل، وما أكثر الجمال في قريش ، ولكن جمالهُ نادر يشف عن جمال الروح ، ففي جماله شيء غريب ، نور يكسوه في وجهه، شيئاً لا ترى مثله في وجه شباب قريش [[ هناك كثير من الروايات في كتب السيرة قد تحدثت عن جمال عبدالله والنور الذي كان يكتسيه ولكن اكتفيت بالشرح لضيق الوقت ]].
فركبوا جميعاً ، وانطلقوا إليها ، فلم يجدوها في يثرب ، كانت في خيبر ، فلحقوا بها إلى خيبر ، فلما دخلوا على كاهنة يثرب ، نظرت إليهم تلك العجوز الكبيرة في العمر نظرة ذكاء وفراسة ، وقص عليها عبدالمطلب خبره وخبر ابنه عبدالله .
فلما أخبرها عبد المطلب بالأمر قالت الكاهنة ، أمهلوني اليوم وارجعوا إلي في الغد ، حتى يأتيني قريني فأسأله !! [[ كان الكهنة والعرافين علاقتهم مع الجن ، تسأل قرينها أي الجني الذي تتعامل معه ]]فتركوها ورجعوا ....
قلنا إن عبد المطلب جد { النبي صلى الله عليه وسلم } ولد في يثرب ( المدينة المنورة ) يتيم الأب عند أخواله بني النجار .الآن عبدالمطلب كان من عادته إن وصل المدينة المنورة ، ذهب لزيارة أخواله والتجول في أسواق المدينة ، لما خرجوا من عندها لم يذهب عبد المطلب لزيارة أخواله من بني النجار ولم يذهب الى أسواق المدينة يتذكر طفولته فيها ، كان مشغول البال بمصير ابنه عبدالله ، فقام يتضرع ويدعو الله أن يوفقه لما يرضاه .
رجعوا في اليوم الثاني إلى الكاهنة ، فقالت لهم قد جاءني الجواب ، كم دية الرجل عندكم إذا قتل ؟؟ [[ أي رجل منكم قتل رجل ، كم تدفعوا ديته مقابل أن يرضى أهله ]]
قالوا :_ نعطيهم عشرة من الأبل
قالت :_ إذنٍ تُقدِموا صاحبكم [[ تعني عبدالله ]] وتقدموا عشرة من الأبل ، واطرحوا القدح [[ أي تكتبوا اسم عبدالله على القدح الأول ، وعلى الثاني تكتبوا عشرة من الأبل ، قرعة ]]واضربوا عليها وعلى صاحبكم القدح ، فإن خرجت عليه زد من الأبل عشرة [[ اعملوا قرعة بين عبدالله والعشرة من الإبل فلو خرجت القدح في القرعة باسم العشرة من الإبل = فقد رضي ربكم بالفداء
فإن خرجت باسم عبدالله = يجب عليكم أن تزيدوها عشرة وتعيدوا القرعة ]]قال عبد المطلب : وإن خرجت عليه مرة أخرى ماذا نفعل ؟؟
قالت : تزيدوا عشرة ثم عشرة حتى تخرج ، على الإبل حتى يرضى ربكم ويفدى هذا الغلام ، ولا تتردد ، واعلم أنك ستنال رضا الآلهة ونجاة صاحبك .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم {{ أنا ابن الذبيحين }}والمقصود أبوه عبد الله .. وأبوه الثاني إسماعيل عليه السلام ، لما رأى إبراهيم خليل الله عليه السلام ، رؤيا تأمره بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام ، فصدق الرؤيا وهمّ بذبحه ، ففداه الله بذبح عظيم ، جده الأكبر للنبي صلى الله عليه وسلم ، نبي الله إسماعيل عليه السلام {{ أنا ابن الذبيحين }}
ففرحت قريش جميعاً وأصبحت قريش ترفع صوتها وتتفاخر بالكرم والسخاء والنخو .وأخذوا يصيحون ، بأعلى أصواتهم !! يقولون :_ واللات والعزى .. لنفدي عبد الله وإن لم يبق في مكة إبل .
ورجعوا مكة ، والناس في مكة حزينة ، وفي قلق لأن عبدالله كان في مكة من أحب الناس إليهم ، وكان أجمل شباب قريش وأكرمهم خلقاً .. كيف يذبح؟؟ فصار عندهم قلق وكآبة شاع الخبر في مكة واجتمعوا الناس وأحضروا عشرة من الإبل
وتقدم عبدالله وقدموا عشرة من الإبل .. طرحوا القدح فخرج السهم على عبدالله !! فأضافوا عشرة فخرج السهم على عبدالله !! فألحقوها عشرة فخرج السهم على عبد الله !!!
فما زالوا يزيدون عشرة فوق عشرة يلحقونها عشرة حتى بلغت الإبل مائة على التمام عشر عشرات فخرج السهم على الإبل ، صرخت قريش بصوت عالي ، قد رضي ربك يا عبد المطلب فقال لااا .. قالوا لم لا ، يا سيد قومك ؟ [[ ما القصة يا عبد المطلب القدح أول مرة طلع على عبد الله مباشرة هممت لذبحه ]] قال لهم حتى اضرب القدح ثلاث فإن خرجت على الإبل ثلاث هنا أعلم أن ربي قد رضي ، وإلا فلابد من ذبح الولد قالوا كما تريد [[ فقاموا بالقرعة ثلاث مرات وفي كل مرة تخرج على الإبل ]] فقال عبد المطلب الآن اطمئن قلبي، وأن ربي قد رضي وكان فداء عبدالله 100 من الإبل ، نحروا الإبل وجعلها عبد المطلب طعام للناس والسباع والوحوش في الجبال لا يمنع عنها أحد ، فرحت قريش بفداء عبد الله فرحاً ما بعده فرح .. ثم أخذ عبد المطلب بيد ابنه عبد الله و سار به باتجاه الكعبة .
لما فرحت قريش بفداء عبدالله ، أخذ عبد المطلب بيد ابنه عبدالله ، وسار به إلى الكعبة ، والناس ينظرون ، وطاف به بالبيت سبعاً ، فنظرت قريش إليهم ، فرأت نورا يخرج من عبدالله {{ نورا يتهلل في وجهه ، تحرك نور النبوة المحمدي في وجهه لأنه يحمل نور نبينا وحبيبنا صلى الله عليه و سلم ، فدار نور النبوة في وجهه }} وجاءت قريش تهنئ عبد المطلب ، في نجاة ولده .
عبد المطلب مازال يتذكر كلام ذلك الحبر اليهودي في اليمن عندما كان في رحلة الشتاء ودخل اليمن نزل عند حبر من اليهود ، فقال الحبر لعبد المطلب متعجباً ، رجل من أهل الديور !! [[ بمعنى يسأله متعجب أنت من أهل الكتاب ]]يا عبدالمطلب ، أتأذن لي أن أنظر إلى بعضك [[ تأذن لي أتفحص جسدك ، وكأن عنده علامات إذا وجدت فيه ، تدل على شيء ]]قال : نعم إذا لم يكن عورة
فلما نظر الحبر لجسده وتفحصه
قال له : أشهد أنك تحمل بين يديك .. ملكاً .. ونبوة ، قال الحبر إذا رجعت تزوج من بني زهرة ، يا عبد المطلب ، سيخرج من ذريتك رجل ذو أمر عظيم ، يجمع بين الملك والنبوة ، وسيكون فخر ٌ لقبيلتين من العرب هم {{ بني هاشم .. وبني زهرة }}
فلما رجع تزوج من (( هالة بنت وهب)) من بني زهرة وبقي هذا الكلام في رأس عبد المطلب ، فقرر أن يزوج عبدالله ويفرح به ، يزوجه من ( بني زهرة ) من آمنة ، أملاً بكلام ذلك الحبر اليهودي لعله يتحقق حلمه .
فعلمت قريش ، أن عبد المطلب قرر أن يزوج ابنه عبدالله من بني زهرة ، وانتشر الخبر في مكة ، حتى أن فتيات مكة مرضن ولزمن الفراش ، عندما سمعن هذا الخبر تأسفاً وحسرة فكل فتاة كانت تتمنى أن تكون زوجة لهذا الرجل المبارك .
فذهب عبد المطلب إلى سيد بني زهرة ، أبي آمنة {{ آمنة بنت وهب ، أم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم }} وخطب آمنة لابنه عبدالله ،كان عمر (عبدالله) والدِ النبي صلى الله عليه وسلم « ١٨ » عاما
كان عمر ( آمنة ) أم النبي صلى الله عليه وسلم « ١٤ » عاما ويقال ١٦
وفي نفس اليوم تزوجها عبدالله ودخل بها [[ وكانت عادة العرب ، العريس يبقى في ديار أهل العروس ، ثلاثة أيام وبعدها يأخذ زوجته ، ويرجع إلى أهله ]] فحملت آمنة {{ بسيد ولد آدم ، حملت بالنور المهداة للعالمين ، حملت بخير خلق الله أجمعين ، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم }} .
عندما مضت ثلاثة أيام ، أخذ عبدالله عروسه آمنة بنت وهب وارتحل بها إلى قومه ، وبعد أيام تجهزت القافلة لرحلة الصيف ، التي كانت مُتجهة لبلاد الشام ، فاختاروا فيها عبدُالله العريس ، كي يكون في القافلة مع بعضِ إخوته .
فودّع عبدالله عروسه ( آمنة بنت وهب ) ولم يكن عِنده عِلم ، أنه لن يراها بعد اليوم أبداً ، ولم يكن عِندهُ عِلم أن آمنة قد حملت له بطفل {{ هو حبيبُ ربِ العالمين ، وخيرُ خلقِ الله أجمعين }} ودّعها عُبدالله ثم انطلق مع القافلة إلى بلاد الشام .
بعد أشهر رجعت القافلة ، ليس فيها عبدالله !! فسأل عبد المطلب أين عبدالله ؟؟ قالوا له : لا تقلق يا شيخ مكة ، تركناه عند أخواله في بني النجار ، في يثرب ( المدينة المنورة ) فقد أصابه بعض المرض ، وعندما يتعافى سيرجع ، تركناهُ هناك فلقد خُفنا عليه من مشقة السفر .
فنظر عبد المطلب إلى ابنه الكبير (( الحارث )) قال يابني انطلق على الفور إلى يثرب ، وأحضر عبدالله ولو في هودج الذي يحملُ النساء (( الهودج .. هو مثل الخمية التي تكون على ظهر الجمل تحمل النساء ، في السفر ، فلما ذهب الحارث ، و وصل يثرب وجد القوم في عزاء ، فسأل عن أخيه !!!! فقالوا له : قد مات أخوك عبدالله وذلك قبره ، فوقف عند قبرِ أخيه وبكى حتى أفرغ حُزنه بالبكاء عليه ثم رجع الى مكة ، وأخبر أباه ، فكانت الفاجعة ، وضجت مكة وقريش بهذا الخبر [[ سبحان الله قبل أشهر يُفدى بمائةٍ من الإبل وبعد شهرين يدركهُ الموت !! ماالسر في ذلك ؟؟ حتى يخرُج من صُلبهِ ، محمدٌ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ]]
حزنت مكة كلها ، على وفاة عبدالله
وكانت آمنة قد حملت بهذا الطفل المبارك ، الذي سيكون رحمة للعالمين .لم تكن تعلم آمنة أنها حامل ، لأنها كانت صغيرة بالعمر ولأنها أول مرة تحمل . تقول آمنة : _ لم أعرف أني حامل ، إلا أنني أنكرت حيضتي [[ أي انقطع عنها الحيض ]] فلما كان الشهر الثاني من وفاة زوجها عبد الله ، رأت رؤيا .. هتف هاتفٌ في أذنها وهي نائمة .
فرأت آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم ، رؤيا تقول :_ هتف هاتف في أذني وأنا بين النائم واليقظان
قال لي :_ يا آمنة هل شعرتِ أنك حملتِ ؟؟ تقول آمنة ، فكأني شعرتُ أني أقول له ، لا أدري !!قال : _ يا آمنة قد حملتي ، بسيد هذه الأمة ونبيها ، فإذا ولدته فسميه{{ محمد }}
قالت فكان ذلك مما أكد لي الحمل
ثم عرفت آمنة أنها حامل بعد انقطاع الحيض ، فعلم عبد المطلب أن آمنة قد حملت .
ففرح عبدالمطلب فرحاً كبيراً ، وفرحت مكة كلها بهذا الخبر ثم ذهب ليهنئ آمنة فقالت له آمنة ، أريد أخبرك عن رؤيا رأيتها ، فلما قصت عليه الرؤيا تذكر عبد المطلب جميع ما مر به من مُبشرات ، وأنه سيخرُج من صُلبهِ مولود له شأن عظيم
وتذكر تلك الرؤيا في منامه {{ أنه رأى سلسلة من فضة خرجت من ظهره ، حتى صعدت للسماء ، ثم رجعت إلى شجرة خضراء لها غصون ولها ظل ،فجاء جميع الخلق وتعلقوا بها }} ولأنه كان يسافر كثيراً ، فكان يقابل الأحبار والعرافين وأهل الكتاب ، وكانوا جميعهم يبشرونه ، أنك في ظِل نبي آخر الزمن هو فخرٌ للعرب كلها ، ولن يخرج إلا من دائرة بيتك .وقص رؤياه لأهل المعرفة والكتاب ، ولِمن كان عِندهُ علم بتفسير الرؤى فقالوا له : _ يخرج من صُلبك مولود يكون له شأن عظيم في الأرض والسماء !!
فلما قصت عليه آمنة الرؤيا ، تهلل وجهه بالسعادة وقال :_ يا آمنة اكتمي رؤياك ولا تحدثي بها أحداً
يا آمنة .. إن أهل الكتاب أخبروني وبشروني بنبي آخر الزمن المنتظر ولعل الجنين الذي في بطنك يكون هو ، فإن لأهل الكتاب حوله إشاعة كبيرة ..
ومضت الأشهر والأيام وآمنة تقول لم أجد في حملي كما تجد النساء ، لم أشعر به ولا وجدت له ثقلة كما تجد النساء،[[ أي ، لا وحام ، ولا تعب ، ولا دوخة ، ولا إرهاق ولا ألم ]]حتى أني أذهب للبئر ، لأشرب أرى ماء البئر قد ارتفع للأعلى ، فأشرب منه فإذا انتهيت رجع {{ وذلك ببركة من تحمل ، صلى الله عليه وسلم }}
فأخبرتُ بعض النساء حولي ، فقلن لي ، علقي حديداً في عضديك ورقبتك [[ يعني مثل أيامنا هذه ، تعليق الطوق في الرقبة ، على شكل عين وما إلى ذلك ، من الدجل ، لترد العين والحسد وأذى الجن كما يعتقد بعض الناس وهذا مخالف طبعا " للعقيدة]]قالت ففعلت ، فما مضى يوم إلا قطع [[ أي الطوق ]]فتركته ولم ألبسه .. ومضت الأشهر حتى دخلت في الشهر التاسع ، وهنا قبل مولده صلى الله عليه وسلم بخمسين يوما وقع حدث عظيم اهتزت له مكة والعرب .
قبل مولدِ النبي صلى الله عليه وسلم بخمسين يوما ، وقعت حادثة اهتز لها العرب جميعاً ، وهي حادثةُ الفيل ، وكانت من إرهاصاتِ النُبوة قبل مولدهِ فما هي _ الإرهاصة ، والمعجزة ، والكرامة ، والاستدراج ، والإهانة هم خمسُ أسماءٍ لمسمىً واحد وهو {{ الأمرُ الخارقُ للعادة }}
الإرهاصة [[ هي أمرٌ خارق ، يحدثُ لأي نبي قبل مولده ، أو قبل أن ينزل الوحي عليه ، وهي عبارة عن تجهيز لحضوره ، تماماً مثل حادثة( أصحاب الفيل ) قبل مولده صلى الله عليه وسلم ، بخمسين يوماً ، وسنأتي على ذكرها ]]
المعجزة [[ عندما يُوحى إلى نبي ويتسلم مهام الرسالة ، ويقول للناس إني رسول الله إليكم ، ويأتي بأمر خارقٍ للعادة ، دليل على صدقهِ ورسالته ، تُسمى معجزة ]]
الكرامة [[ أمرٌ خارق ، يحدث لإنسان صالح ... مثل الصحابة رضوان الله عليهم ، والأولياء ، تسمى كرامة ]]
الاستدراج [[ تكون لإنسان منافق ، يعتقد الناس أنه من الصالحين يستدرجهُ الله بأمرٍ خارق ، حتى يوردهُ في النهاية للهاوية ، تُسمى استدراج ]]قال تعالى {{ سنستدرجُهم من حيثُ لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين }}
الإهانة
هي أمرٌ خارق ، يحدثُ لمن يدّعي أنهُ نبي ، مثل مسليمة الكذاب ادعى مسيلمة النبوة ، وأنه شريكٌ لمحمد في الأرض بالرسالة .قومهُ كانوا يعلمون أنه كاذب ، فأردوا أن يستهزئوا به ، قالوا:_ يا مسيلمة ، محمد قد ظهر على يده خوارق
قال :_ لهم ماذا تريدون ؟؟ قالوا :_ بلغنا أن محمداً ، قد بصق في عين أحد أصحابه ، بعد أن قُلعت من مكانها في إحدى الغزوات [[ يقصدون الصحابي قتادة رضي الله عنه ، عندما قُلعت عينه في (غزوة أُحد) فجاء يحملُها على كفه ، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم وأرجعها مكانها وبصق عليها ، فرجعت تبرُق في وجهِ قتادة و عادت مكانها وكان يقول قتادة والذي بعث محمداً بالحق ، لإني أرى فيها أفضل من عيني السليمة ]] قال مسيلمة :_ أحضروا لي رجل أعور ، فأحضروا له رجل أعور
فبصق في عينهِ من أجلِ أن يُشفى ، فعميت عينه [[ هذا أمر خارق ، لو بصق كل الناس في عين شخص ، لا يعمى ]] فضحك الناس عليه قال لهم :_ هاتوا غيرها قالوا له :_ بلغنا أن محمداً ، جاء إلى بئر ماء مالح وقليل لا يسقي الظمأن ، فبصق فيه فكثر الماء وامتلأ البئر على الفور .
فذهب مسيلمة معهم ، إلى بئر فيه ماءٌ قليل ، فبصق فيه مسيلمة فجف الماءُ على الفور لم يبق فيه نُقطة ماء واحدة . [[ هذا مايُسمى الإهانة ولكنها خارقة للعادة ]]
ومن الإرهاصات قبل مولده صلى الله عليه وسلم {{حادثة أصحابُ الفيل }}
وكانت هذه الحادثة بمثابة ، لفت لأنظارِ العالمَ كُله ، لهذا المكان الذي سيولدُ فيه سيدُ الخلق وإمام المرسلين {{ سيُدنا محمد صلى الله عليه وسلم }} كان ذلك الحدث الضخم الغريب العجيب ، الذي لم يسمع به العالم من قبل ، فما قصة أصحابُ الفيل ، ولماذا أراد أبرهة هدمَ الكعبة ؟؟
جهز أبرهة جيشه ، وانطلق به في اتجاه الكعبة ، وكان من تجهيزات هذا الجيش [[ الفيلة والخيل والجمال ]]
وتقدم أبرهة بجنده ، وكان يركب على فيل عظيم ، وأمر جنده أن يتبعوه .كان الطريق إلى مكة طويلا" ، فكان كل ما مر على قبيلة من قبائل العرب ، بعث فرقة من جنده وأغاروا عليها ، ينهب أموالهم وأغنامهم وإبلهم [[ ليطعم جيشه الضخم ، في الطريق ]] بعض القبائل عندما سمعت بمسير أبرهة وجيشه ، خافوا وهربوا وتركوا ديارهم ، بعض العرب حاولوا قتاله ، ولكن فشلوا ، جيش قوي ومنظم ، طبعا كأي زمان ومكان (( بعضهم ساعدوه لينالوا رضاه ))
حتى وصل إلى منطقة قريبة من مكة ، فأقام فيها ثم أرسل فرقة من جيشه ، فنهبت الإبل والأغنام لقريش ، التي كانت ترعى في الجبال والشعاب [[ من ضمنها ، إبل لعبد المطلب ، جد الحبيب صلى الله عليه وسلم ]]فلما علم أهل مكة بالأمر ، اجتمعوا للتشاور ، وكان الخوف الشديد يملأ بيوت مكة قالوا لا طاقة لنا بأبرهة وجيشه [[ أهل مكة ليس عندهم جيش منظم ومدرب ، والذي زاد خوفهم أكثر الفيلة الضخمة ،التي تحمل الجنود ]] ثم بعث أبرهة ، رسول من عنده لأهل مكة قال له :_ اذهب إليهم ، واسأل عن سيد هذه البلد وقل له {{ إن الملك يقول لك ، إنه لم يأت لحربكم ، فإنما أتيت لهدم هذا البيت ، فلا تتعرضوا لنا للقتال ، وأخلو لنا المكان كي نهدم هذا البيت ، فإن قالوا لك أنهم لا يريدون القتال ، فأحضر لي سيدهم أتشاور معه }}
فدخل رسول أبرهة مكة ، وسأل عن سيد قريش قالوا له : عبد المطلب سيد مكة وشيخها فحضر عبد المطلب ، فقال له الرسول ما أمره به أبرهة فقال عبد المطلب :_ والله لا نريد حربه ، وليس عندنا طاقة لحربه ولكن ، هذا بيت الله الحرام ، وبيت خليله إبراهيم ، فإن أراد الله منع أبرهة من بيته وحرمه منعه وإن أراد أن يخلي بينه وبين بيته ، فنحن لاطاقة لنا بقتال أبرهة فقال له الرسول : _ انطلق معي يا شيخ مكة ، فالملك يريد مقابلتك .
فذهب عبد المطلب لمقابلة أبرهة ، فاستأذن بالدخول عليه قال أبرهة :_ من هذا الذي يطلب الدخول ؟؟
قالوا له :_ هذا عبد المطلب شيخ مكة ، هو الذي يطعم الناس والطير والسباع ، من كرمه وجوده ، ويؤمن الحجيج ويسقي الماء (( فأعجب أبرهة بخصال عبد المطلب ))
فلما دخل عبد المطلب ، وكان عبد المطلب رجل طويل وعظيم له هيبة ، وجمال فلما رآه أبرهة ، وثب واقفاً ، ورحب به ، وكان من عادة أبرهة يجلس على سرير ملكه ، والناس تجلس تحته ، فأراد أن يُجلس عبدالمطلب بجانبه لشدة هيبته ، و كره أن تراهُ حاشيته وهو يجلسه بجانبه فنزل أبرهة عن سريره ، وجلس على البساط وأجلسه معه إلى جانبه ثم قال أبرهة لترجمانه : قل له : ما حاجتك ؟ فقال له ذلك الترجمان ، فقال : حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي ، فلما قال له ذلك ، قال أبرهة لترجمانه : قل له : قد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك ، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئتُ لهدمه ، ولا تكلمني فيه ! قال له عبدالمطلب : إني أنا رب الإبل [[ أي صاحبها ]] وإن للبيت رباً سيحميه قال أبرهة : ما كان ليمتنع مني [[ أي لا يستطيع رب البيت أن يقف بوجهي ]] قال عبد المطلب له : أنت وذاك [[ بمعنى أنت حر ]] فأعاد له أبرهة الإبل ، وأخذ يضحك ويقول للبيت رب يحميه ، للبيت رب يحميه يضحك
رجع عبد المطلب لمكة واجتمع بقومه قالوا له قريش :_ما الحيلة يا شيخ مكة ؟[[ ماهو الحل ]] قال لا حيلة لنا لا نستطيع رد أبرهة ولكن الله يستطيع . فاصعدوا إلى رؤوس الجبال ولا تقاتلوا واتركوه هو ورب البيت .ثم ذهب عبد المطلب للكعبة وأخذ بحلقة باب الكعبة وقال إن المرء منا ليحمي رحله .. اللهم فاحم بيتك ، دعا الله وهز الحلقة ثم قال لقومه اصعدوا إلى الجبال وانظروا ما يكون بين أبرهة ورب البيت ، صعدوا و أخذوا يترقبون وينظرون .مكة تترقب وكل العرب في الجزيرة العربية تنتظر أخبار أبرهة وهدمه للكعبة
تجهز أبرهة هو وجنده لدخول ، مكة وهدم {{ الكعبة }} فلما وصل أبرهة للكعبة ، وكان يركب على أعظم وأكبر فيل في الحبشة هذا الفيل كان إذا تقدم ، تقدمت خلفه كل الفيلة ، وإذا برك تبرك كل الفيلة ، كانت الفيلة مدربة على اتباعه فلما وصل هذا الفيل ورأى الكعبة ، برك وبرك خلفه كل الفيلة فأداروا وجهه إلى جهة اليمن فقام يجري وقامت كل الفيلة خلفه تتبعه ، فوجهوه للكعبة فبرك للأرض ولم يتحرك فأمرهم أبرهة بضربه بالحديد فضربوه ، فأبى الحركة ، فوجهوه راجعاً إلى اليمن ، فقام يهرول ، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلى مكة فبرك قال أبرهة :_ اسقوه الخمر كي يفقد عقله ، لعله استجاب فاسقوه الخمر ولكن من غير فائدة فاشتعل أبرهة غضباً من الفيل وسل سيفه وطعن الفيل بين عينه فأراده قتيلاً
وفجأة شعروا ، بأشعة الشمس تنحجب ، نظروا فوقهم ، وإذ هي طيور كالغمام الممطر قد حجبت ضوء الشمس من كثرتها ، جاء أمر الله العلي القدير ، جاء أمر مالك الملك {{ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد }} وصل جند الله وطيور أبابيل [[ أبابيل أسراب ضخمة من الطيور يلحق بعضها بعضا ]] يقول أهل مكة عن هذه الطيور (( لم نر مثلها من قبل ولا بعد ، رؤوسها تشبه رؤوس السباع )) وكان يحمل كل طير ثلاث حجارة في منقاره حجر ، وفي رجليه حجرين بحجم حبة العدس فجاءت حتى وقفت على رؤوسهم ، ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها فوقعت الحجارة عليهم ، فكانت تنزل على رأس الرجل تخرج من دبره وبعث الله ريحاً شديدة فزادتها شدة حتى جعلهم ربنا كما قال ((كعصف مأكول)) أي القمح لما تستخرج الحبة من البذرة منه وتتناثر القشرة هنا وهناك ، فكل رجل كان يسقط عليه حجر تتناثر لحمه عن عظمه والدماء تسيل منه حتى يهلك .حتى ممن هرب من الجند وقد أصابه الحجر كان على الطريق تتساقط أعضاؤه عضو عضو ، حتى أصبحوا كابن الفرخ [[ الطير الصغير ليس له ريش ]]هكذا حمى الله بيته {{ للبيت ربٌ يحميه }} وكان بين حادثة الفيل ومولد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم 50 يوما .. حمى الله البيت استعداداً لهذا المولود ، ورجعت قريش وعرفوا عظمة الله وعظمة هذا البيت وهنا أخذ الكون كله يستعد ويتحضر لاستقبال هذا النور النبوي المحمدي صلى الله عليه وسلم ... يتبع مولده وماذا رأت آمنة يوم ولدته إن شاء الله .
ولد ﷺ وتشرف هذا الكون بأطهر مخلوق وأشرفهم عند ربِ العالمين في صباح يوم الاثنين/ربيع أول
- ما الحكمة بأنهُ ولد في شهر ربيع أول ؟ لماذا لم يولد في رمضان وهو أشرف الشهور ؟ ولماذا لم يولد في الأشهر الحرم ؟ ولماذا لم يولد يوم الجمعة ؟
لأن الشهور والأيام هي التي تتشرف، بالرسول ﷺ ، ولا يتشرف هو بالأيام،
فلو كانت ولادته في رمضان أو الأشهر الحُرُم لقال الناس: بورك فيه بفضل تلك الأيام ولكن رسولنا ﷺ أشرف من تلك الأيام، فالأيام والشهور هي التي تتشرف بولادته، لذلك كان شهر ربيع الأول من الأشهر المباركة،حتى عندما يُذكر اسم الربيع ، تطمئن القلوب والنفوس له .
كانت ولادته ﷺ أول ساعة من النهار.
قالوا عند الفجر، والبعض قال عند الضحى- أول ما تظهر الشمس - آمنة أمّ النبي ﷺ هي التي ستخبرنا ما حدث معها عند الولادة عن طريق الصحابية الجليلة شفاء- رضي الله عنها-.
شفاء : هي أم الصحابي الجليل ، عبد الرحمن بن عوف-رضي الله عنه- كانت من الأوئل الذين أسلموا، وهي القابلة التي وقفت مع آمنة أثناء الولادة.
تقول آمنة أم النبي ﷺ أخذني ما يأخذ النساء- تقصد الطلق- ولم يكن عندي أحد، ولم يعلم بي من أحد- كانت وحيدة في البيت- تقول : فسمعت جبّةً عظيمة، مثل شيء ضخم وقع على الأرض وأصدر صوتا عظيما، فخفت، فسمعت صوتا بعده أكبر من الذي قبله ، فزاد خوفي، ثم رأيت نورا في المكان خرج منه، كجناح أبيض ، ورأيت كأن رجالا قد وقفوا في الهواء وبأيديهم أباريق من فضة، فأخذني المخاض- بدأت الولادة- فخرج مني نور أضاءت له قصور الشام، فكشف الله عن بصري فرأيت مشارق الأرض ومغاربها، فدخلت عليها شفاء - رضي الله عنها- تقول شفاء : فنزل ﷺ من أمه لا كما ينزل الصبية- شفاء عندها خبرة- فهي التي كانت تولد نساء مكة، فهي تعرف أن المولد عندما ينزل ، ينزل من رأسه للأسفل ، تقول شفاء : نزل معتمدًا على ركبتيه وكفيه ، ساجدًا ينظر بطرف عينه للسماء، كالمتضرع المبتهل لله، ثم تقول شفاء : فحملته ، ونظرتُ إلى وجهه وإذا به كالقمر ليلة البدر يتلألأ نورًا وريحه ريح كالمسك يسطع منه ، فأردت أن أصنع له ما يصنع للمولود ، فإذا به لا يحتاج شيء ، مقطوع السرة - أرادت شفاء أن تقطع السرّة الحبل السري- وتنظفه مثل أي مولود، تقول شفاء: كان مختوناً مطهرًا طهور الأطفال، نظيف مطيب ، ريحه المسك ، مكحل العيون .
تقول شفاء: فما كان منّي إلا أن ألبسته ثيابه وأعطيته لأمه، لأنه ليس بحاجة لشيء ﷺ ، يقول الحبيب المصطفى عن نفسه : ( إنّي دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمي التي رأت )
ولد المصطفى ﷺ وتشرف الكون بولادته، وأرسلت آمنة إلى جده عبد المطلب على الفور وكان عند الكعبة أنه قد ولد لك مولود فتعال فانظر إليه، فلما سمع الخبر عبد المطلب انطلق مسرعًا إليها مسرورًا مندهشًا تغمره السعادة ، ولد لابني عبدُالله الذي توفى قبل شهور مولود ، فلما وصل عبدالمطلب ونظر إلى الرسول ﷺ .
فلما وصل عبد المطلب ، ونظر للرسول صلى الله عليه وسلم ، وإذا به كالبدر ، ثم نظر إلى صفاتهِ [[ وكما قلنا من قبل إنه كان يسمع من أهل الكتاب ، في سفره ، عن صفات نبي آخر الأمة ]]فلما رآه ، هنا أيقن أن هذا المولود ، سيكون نبي هذه الأمة
فحمله عبدالمطلب ، ورفعه للأعلى ، يريد أن يعلن اسمه ، وقال يا آمنة
فرفعت آمنة يدها (( بمعنى انتظر يا شيخ مكة ، لا تُعلن اسمه))وقالت آمنة :_ يا شيخ مكة ، لقد ولد ... لا كما يولد الصبيان ولد ، ساجداً إلى الأرض ، معتمداً على ركبتيه ويديه ، ينظر إلى السماء ، مختوناً ، يفيح منه المسك وقد هتف لي هاتف مرة أخرى عند ولادته ، يا آمنة سميه{{ محمد }}
فابتسم عبد المطلب مندهشاً مسروراً ، وارتسمت السعادة في وجهه وقال :_ أي ورب البيت ، فلقد عزمت أن أسميه {{ محمدا }}
قالت :_ ولِم يا شيخ مكة ، عزمت على هذا الاسم ؟؟قال :_ يا آمنة ، لقد رأيتُ رؤيا في منامي ، فسألت أهل الرؤى عنها فقالوا لي :_ يخرج من صُلبك رجلٌ ، يطيعهُ أهل السماء والأرض ، فإني أُحب أن أسميه محمدا رجاءً {{ أن يحمده من في السماء وأن يحمده الناس على الأرض }}فأعلن اسمه محمد {{ صلى الله عليه وسلم }}
فدخلت ثويبة [[ ثويبة كانت ، جارية لأبي لهب ، وكانت تسكن قريبة من بيت آمنة ]] فلما سمعت الخبر ،انطلقت على الفور مسرعة
وهي تنادي ، يا أبا لهب ، يا أبا لهب
[[ كان لقبهُ أبو لهب ، قبل ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، اسمه الحقيقي ( عبدُ العزة ) ولقبه أبو لهب ، لأنه كان شديد الجمال ، وكانوا يرون وجهه كأنه طلعت الشمس ولهبها ،ولكن لم ينفعه جمالهُ لعدم إيمانهِ بالله ]]فقال أبو لهب :_ ويحك يا جارية ، ما الأمر ؟؟!!!!قالت :_ ولِدَ لأخيك عبد الله مولود قال :_ يا جارية أحقاً ما تقولين ؟؟!!!!!
قالت :_ نعم ، أي ورب البيت ، وقد سماهُ أبوك ( أي عبد المطلب ) سماه {{ محمداً }} فقال لها من شدة فرحه ، وأنتي حرةٌ طليقة يا ثويبة !!!!(( فأعتقها وأصبحت حرة ))
فلا أحد يستطيع وصف ، فرح ثويبة في تلك اللحظة ، إلا أنها من شدة فرحها بالعتق ، انطلقت مسرعة إلى آمنة ، وقالت يا آمنة أعتقني أبو لهب بسبب هذا الصبي ثم حملته وضمته إلى صدرها {{ صلى الله عليه وسلم }} ثم قالت يا آمنة هل تسمحين لي أن أرضعه ؟؟ فسمحت لها فأرضعته ثويبة ، فكان أول لبن دخل فمه صلى الله عليه وسلم لبن ثويبة.
فأول مرضعة للرسول صلى الله عليه وسلم كانت … ثويبة أرضعته من لبن ابنها {{ مسروح }} فمسروح أخو النبي صلى الله عليه وسلم ، من الرضاعة وأرضعت ثويبة أيضاً
سيد الشهداء {{ حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه}}عم الرسول فكان حمزة ، عم النبي وأخا النبي بالرضاعة .كان قريبا في العمر منه في سن الرضاعة ، وكان حمزة قد سبق الرسول بسنتين من العمر
كما أنه قريب له من جهة الأم ، فأمه هالة بنت وهيب ، ابنة عم آمنة أم الرسول صلى الله عليه وسلم
لذلك عندما عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم الزواج من ابنة حمزة ، قال {{ لا تَحلُ لي ، يحرمُ من الرضاع مايحرمُ من النسب ، هي بنت أخي من الرضاعة }}
ثم أرضعته … أمه آمنة [[ أرضعته أمه سبعة أيام على التوالي .. وليس كما يقول بعض الجاهلين ، رفض أن يرضع من أمه هذا الكلام مكذوب .. أرضعته أمه سبعة أيام لبن اللبان .. حليب اللبان يعرفه النساء ، يعطي المناعة للطفل والصحة ]]
ثم أرضعته … حليمة السعدية التي سيأتي ذكرها بالتفصيل
يقول ابن عباس رضي الله عنه[[ وهو عم الرسول ]] يقول يا رسول الله ، لقد رأيت أبا لهب بعد موته في منامي فقلت له :_ أي أبا لهب ماذا رأيت بعدنا ؟؟[[ يعني كيف حالك بعدنا ؟ ]]قال :_ لم أر خيراً قط ، غير أني في كل يوم اثنين يخفف عني العذاب وأُسقى من ها هنا (ومد إصبعه الشاهد والإبهام) [[يعني بحجم هالأصبعين ]] أسقى من ها هنا ماء بارد لفرحي بمولد محمد وإعتاقي ثويبة فسكت النبي صلى الله عليه وسلم .. وإذا سكت الرسول يعني أقر الحديث وأيده .[[قيل أنه يخفف عنه عذاب القبر لأنه لم يدخل أحد جهنم إلا بعد يوم القيامة]] أما في جهنم لا يخفف عنهم العذاب ولاهم ينصرون .
وبعد أن أعلن عبد المطلب عن اسم المولود وسماه {{ محمدا }} صلى الله عليه وسلم ، حمله و انطلق به باتجاه الكعبة ، وهو مسرور مشرق الوجه قد فرح فرحاً لم يفرحه من قبل .
حملهُ عبد المطلب ، حتى وصل الكعبة ، وفُتِح لهُ بابها ، ودخل إليها وهو يحمله ، ثم خرج وطاف فيها ، وهو مسرور ويردد ويقول {{ الحمد لله الذي أعطاني هذا الغلام أعيذه بالبيت ذي الأركان من كل حاسد }}
ثم رجع إلى آمنة ، أعطاها أياه
وقال لها :_احرصِي عليه ثم انطلق عبد المطلب مسرعاً ، إلى الراهب النصراني (( عيص)) يستوثق منه .
أهل الكتاب ، الأحبار والرهبان ، في شهر مولده كلهم كانوا منتظرين مولدهُ ، وعندهم علامات ظهور نجمه وصفاته ، وأن مولده في مكة
فلم يكن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم مفاجأة .. بل علم به الكثير من أهل الكتاب الرهبان {{ علماء الدين النصارى }} الأحبار {{ رجال الدين اليهود }} عندنا في دين الإسلام ، لا يوجد شيء اسمه رجال دين فليس منا إلا عالم أو متعلم ليس عندنا ترتيب هرمي في الإسلام يشبه الرتب العسكرية في الإسلام {{رُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبرَّه }} عندنا في الإسلام {{ بدويّ ، يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو جالس على الأرض مع الناس فيسأل : أيّكم محمد ؟؟ }} في الإسلام ليس هناك واسطة بينك وبين الله {{وإذا سألك عبادي عَني فإني قريب أجيب دَعوة الداع إذا دعان }} فذهب عبد المطلب يستوثق من الراهب النصراني {{ عيص }} عن هذا المولود ، لأنه كان يرجو أن يكون لهذا المولود شأن عظيم .من هو الراهب عيص ؟؟رجل جاء من بلاد الشام إلى مكة ، راهب من النصارى ، وسكن في طرف مكة في صومعة ، و اسمه عيص وكان {{ هو المرجع الوحيد في علم النصارى في ذلك الوقت }} عندما اقترب مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، جاء لمكة ينتظر مولده .سكن عيص في أطراف مكة ، فكان يدخل مكة كل فترة من الزمن ، ويجلس في أندية قريش [[ قلنا إن الأندية كانت حول الكعبة ، مجالس يجلسون فيها الرجال ، فيها يجتمعون ويتحدثون ]] فيدخل الراهب عيص ، في أندية قريش ، وأسواقها ويسأل يقول :_ يا معشر قريش ، هل ولد فيكم مولود ؟؟
وله من الصفات ، كذا وكذا !!!
فيقولون له :_ يا عيص ، الذي تصفه لم يولد بعد!!! فيقول لهم عيص :_ وربِ موسى وعيسى ، ما تركتُ بلاد الخمر والخمير [[ يقصد بلاد الشام ، وخيراتها ]] وجئت هنا ،إلا في طلب هذا المولود ، فإن هذا زمن خروجه
يولد في بلدكم [[ أي مكة ]] هو خاتم الأنبياء والمرسلين ،وبه تُختم الشرائع
من أطاعه فقد اهتدى ، ومن عصاه فقد خاب وخسر [[ فكان كل فترة ، يمر ويسألهم ، فيقولون له ولد فلان وفلان ، ويعطونه أوصافهم ، فيقول لهم ، لا لا ليس هو ]]
ففي أول يوم من مولدهِ صلى الله عليه وسلم وفي صبيحة ذلك اليوم ، لما ولد صلى الله عليه وسلم ،وأخذه جده وطاف به بالكعبة ورأى صفات المولود ،ورجع أعطاه لأمه ، وأوصاها عليه ، هنا تذكر عبد المطلب الراهب عيص فأراد أن يذهب إليه ويستوثق منه الخبر .
انطلق عبد المطلب مسرعاً ، إلى صومعة عيص ، فعندما وصل للصومعة ، أخذ ينادي عيص .. عيص
فقال له عيص :_ كن أباه يا شيخ مكة فقال عبد المطلب مستغرباً :_ من ؟!!! قال عيص :_ لقد ولد الذي كنت قد حدثتكم عنه ، وربِ موسى وعيسى إنه وجع يشتكي ثلاثة أيام ثم يعافى [[ أي هذا المولود قد أصابه بعض المرض ]] احفظ لسانك يا عبدالمطلب [[ أي لا تتكلم عنه لأحد ]]
فإنه لايحسد حسده أحد [[ أي إذا علموا عنه شيء ، فالناس الحاقدة ، ستسعى لأذيته ، وإذا وقع في مصيبة يتشمتون به ]] وإياك واليهود ، فيبغون عليه ، كما بغوا على الأنبياء قبله [[ أي اليهود معروفون أنهم قتلة الأنبياء ، فإذا سمعوا به اليهود قتلوه ، كما قتلوا الأنبياء قبله ]]فقال عبد المطلب :_ يا عيص !! لقد ولد لأبني (( عبدالله المتوفى قبل أشهر ولد ))
فقال عيص :_ هو ذاك ياعبدالمطلب ، هو ذاك ، وربِ موسى وعيسى
إنا لنجد في كتبنا أنه يولدُ يتيماً ، فاحفظ لسانك واحرص عليه .
في أخبار كثيرة ، عن الأحبار اليهود والرهبان من النصارى بمعرفتهم ، في يوم مولدهِ وصفاته ولكن نكتفي بقصة الراهب عيص و يكفينا قوله تعالى فيهم {{ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون}}
صل الله عليه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا
ردحذف